علي جمعة: التقريب بين المذاهب ضرورة لإنهاء الانقسام وتعزيز وحدة المسلمين

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية الأسبق، أن الأمة الإسلامية في أمسّ الحاجة إلى تكثيف الجهود الرامية إلى التقريب بين المذاهب، معتبرًا أن الحوار البناء والتفاهم المشترك هما السبيل الأوحد لتحقيق وحدة الصف الإسلامي.

وقال جمعة، في تصريحات تليفزيونية أدلى بها مساء الثلاثاء، إن الخلافات العقدية بين الفرق الإسلامية كانت ولا تزال من الأسباب الرئيسية للتوتر والانقسام، مشددًا على أن هذه الاختلافات لا يجب أن تُوظف لتعميق الفرقة، بل ينبغي أن تكون منطلقًا لتبادل الرؤى وبناء جسور التعاون.

وأوضح أن أهل السنة والجماعة عبر العصور سعوا إلى مد جسور التواصل مع الطوائف الأخرى، مستشهدًا بمحاولات عديدة كان أبرزها المبادرة التي أطلقها الشيخ محمود شلتوت في أربعينيات القرن الماضي، بهدف إزالة الفوارق العقدية وتعزيز التفاهم بين السنة والشيعة.

وأشار إلى أنه في عام 1949، تم إطلاق مجلة رسالة الإسلام لمناقشة القضايا الخلافية بين المذهبين، ونجحت في تقريب وجهات النظر حول مسائل حساسة، من بينها قضية سب الصحابة. وأكد أن علماء الشيعة أقروا بجواز الاختلاف في الرأي الفقهي مع الصحابة، مع رفضهم القاطع للسب أو التكفير، وهو موقف يتسق مع ما ذهب إليه علماء السنة.

وتطرق جمعة إلى مفهوم "التقية"، موضحًا ضرورة التمييز بين استخدامها كوسيلة لحماية النفس، ورفض استخدامها كذريعة للكذب أو الخداع، مشيرًا إلى أن هذا المفهوم كان محل نقاش واسع بين علماء المذاهب، وأسفر عن تفاهمات إيجابية.

وفي سياق حديثه، شدد جمعة على أن الأمة الإسلامية تمر بمرحلة دقيقة تتطلب توحيد الصفوف ونبذ الفتن، مضيفًا أن استقرار المجتمعات الإسلامية لا يتحقق إلا من خلال وحدة العقيدة ونشر ثقافة التسامح.

كما نفى وجود أي أساس لصحة الادعاءات التي تتحدث عن تحريف القرآن الكريم، مؤكدًا أن كتاب الله محفوظ بحفظه، ولا يمكن أن تطاله مثل هذه الشبهات التي لا تمت للعقيدة الإسلامية بصلة.

واختتم جمعة تصريحاته بالتأكيد على أن الطريق نحو تجاوز الأزمات الراهنة يبدأ من حوار صادق، يحترم الخصوصيات المذهبية ويضع مصلحة الأمة فوق كل اعتبار.